للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ (١) قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: ٢٣].

وَلَم يَقُلْ: مَاذَا خَلَقَ رَبُّكُم.

وَقَالَ: {مَنْ ذَا الَّذِي (٢) يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥].

===

القارئين، وأبى ذلك كثير منهم، وذهب بعضهم إلى أنه متكلم بالقرآن العربي بمشيئته وقدرته بالحروف والأصوات القائمة بذاته وهو غير مخلوق، لكنه في الأزل لم يتكلم لامتناع وجود الحادث في الأزل، فكلامه حادث في ذاته لا محدث، وذهبت الكرامية إلى أنه حادث في ذاته ومحدث، والمحفوظ عن جمهور السلف ترك الخوض في ذلك والتعمق فيه والاقتصار على القول بأن القرآن كلام الله وأنه غير مخلوق ثم السكوت عما وراء ذلك، كذا في "فتح الباري" (١٣/ ٤٥٣ - ٤٥٤ - ٤٥٥).

(١) دل ذلك على أنهم سمعوا قولًا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم، "ع" (١٦/ ٦٦٩).

(٢) قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي … } الآية، زعم ابن بطال (١٠/ ٤٩٢) أنه أشار بذلك إلى سبب النزول؛ لأنه جاء أنهم لما قالوا: "شفعاؤنا عند الله الأصنام" نزلت، فأعلم الله أن الذين يشفعون عنده من الملائكة والأنبياء إنما يشفعون فيمن يشفعون بعد إذنه لهم في ذلك، انتهى.

وأظن البخاري أشار بهذا إلى ترجيح قول من قال: إن الضمير في قوله: {عَنْ قُلُوبِهِمْ} للملائكة، وأن فاعل الشفاعة في قوله: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} هم الملائكة بدليل قوله بعد وصف الملائكة: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء:٢٨] بخلاف قول من زعم أن الضمير للكفار المذكورين في قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ}، [سبأ: ٢٠] كما نقله بعض المفسرين، وزعم أن المراد بالتفزيع حالة مفارقة الحياة، ويكون اتباعهم إياه مستصحبًا إلى يوم القيامة على طريق

<<  <  ج: ص:  >  >>