المجاز، والجملة من قوله:{قُلِ ادْعُوا … } إلخ، معترضة، وحمل هذا القائل على هذا الزعم أن قوله:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} غاية لا بد لها من مغيًّا، فادعى أنه ما ذكره، وقال بعض المفسرين من المعتزلة: المراد بالزعم: الكفر، في قوله:{زَعَمْتُمْ}[الأنعام: ٩٤] أي: تماديتم في الكفر إلى غاية التفزيع، ثم تركتم زعمكم وقلتم: قال الحق. وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، ويفهم من سياق الكلام أن هناك فزعًا ممن يرجو الشفاعة هل يؤذن له في الشفاعة أو لا؟ فكأنه قال: يتربصون زمانًا فزعين حتى إذا كشف الفزع عن الجميع بكلام يقوله الله في إطلاق الإذن تباشروا بذلك، وسأل بعضهم بعضًا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق، أي: القول الحق وهو الإذن في الشفاعة لمن ارتضى.
قلت: وجميع ذلك مخالف لهذا الحديث، والصحيح في إعرابها ما قاله ابن عطية: المغيا محذوف كأنه قيل: ولا هم شفعاء بل هم عنده ممتثلون إلى أن يزول الفزع عن قلوبهم. والمراد بهم: الملائكة، وهو المطابق للأحاديث الواردة في ذلك فهو المعتمد. وأما اعتراض من تعقبه بأنهم لم يزالوا منقادين، فلا يلزم منه دفع ما تأوله، لكن حق العبارة أن يقول: بل هم خاضعون لأمره، كذا في "الفتح"(١٣/ ٤٥٥ - ٤٥٦).
(١) ابن الأجدع الهمداني، "ع"(١٦/ ٦٧٠).
(٢) عبد الله، "ع"(١٦/ ٦٧٠).
(٣) أي: إذا أزيل الخوف، والتفعيل للإزالة والسلب، وحاصل المعنى: حتى إذا ذهب الفزع، "ع"(١٦/ ٦٦٩).