أَبِي عَائِشَةَ (١)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}[القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَالِجُ (٢) مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً (٣)، كَانَ يُحَرْكُ شفَتَيْهِ - فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَا أحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَرِّكُهُمَا. فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (٤) * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (٥)}، قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه}، قَالَ: فَاسْتَمِع لَهُ وَأَنْصِتْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا أَنْ تَقْرَأَهُ. قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أتَاهُ جِبْرئيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرئيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا أَقْرَأَهُ. [راجع: ٥].
"كَانَ يُحَرِّكُ" في نـ: "وَكَانَ يُحَرِّكُ"، وفي نـ:"فَكَانَ يُحَرِّكُ". "أَنَا أُحَركُهُمَا" في نـ: "فَأَنَا أُحَركُهُمَا" في الموضعين. "كَمَا كَانَ" في نـ: "كَمَا رَأيْتُ". "كَمَا أَقْرَأَهُ" زاد في ذ: "جِبْرَئِيلُ.
===
(١) أبو بكر الهمداني، "ع" (١٦/ ٧٠٩).
(٢) أي: يحاول ويزاول، "ك" (٢٥/ ٢١٧).
(٣) كان - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه القرآن يعجل به ليحفظه، فيحرك لسانه وشفتيه ويتوجه عليه وعلى ضبطه بمعالجة شديدة، فوعده الله تعالى بضمان حفظه وفهمه، "ك" (٢٥/ ٢١٧).
(٤) أي: لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك، "مجمع" (٣/ ٥٣٢)، هذا من أوضح الأدلة على أن القرآن يطلق ويراد به القراءة، فإن المراد بقوله:{وَقُرْآنَهُ} في الآيتين القراءة لا نفس القرآن، "ف" (١٣/ ٥٠٠).