للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْقِسْطَاسُ (١): الْعَدْلُ

===

حساب ولا ميزان، ومن المؤمنين من لا سيئة له وله حسنات كثيرة زائدة على محض الإيمان فهذا يدخل الجنة بلا حساب كما في قصة السبعين ألفًا، ومن عدا هذين يحاسبون وتعرض أعمالهم على الموازين.

ويدل على محاسبة الكفار ووزن أعمالهم قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} إلى قوله: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون: ١٠٣ - ١٠٥]. قال أبو إسحاق الزجاج: أجمع أهل السُّنَّة على الإيمان بالميزان وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأنكرت المعتزلة الميزان وقالوا: هو عبارة عن العدل.

قال ابن فورك: أنكرت المعتزلة الميزان بناء منهم على أن الأعراض تستحيل وزنها؛ إذ لا تقوم بأنفسها قال: وقد روى بعض المتكلمين عن ابن عباس أن الله تعالى يقلب الأعراض أجسامًا فيزنها، انتهى.

ورجح القرطبي أن الذي يوزن الصحائف التي تكتب فيها الأعمال، ونقل عن ابن عمر قال: توزن صحائف الأعمال، قال: فإذا ثبت هذا فالصحف أجسام فيرتفع الإشكال، ويقويه حديث البطاقة أخرجه الترمذي وحسنه (ح: ٢٦٣٩) والحاكم وصححه (١/ ٦)، وفيه: "فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة"، انتهى.

والصحيح: أن الأعمال هي التي توزن، وقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يوزن في الميزان أثقل من خلق حسن"، وفي حديث جابر رفعه: "توضع الموازين يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات"، قال الطيبي: الحق عند أهل السُّنَّة أن الأعمال حينئذ تجسد أو تجعل في أجسام، كذا في "ف" (١٣/ ٥٣٨ - ٥٣٩).

(١) بضم القاف وكسرها، في قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الشعراء: ١٨٢]، "ك" (٢٥/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>