يستوي فيه المذكر والمؤنث فما وجه لحوق علامة التأنيث؟ قلت: التسوية بينهما جائزة لا واجبة، أو وجوبها في المفرد لا في المثنى، أو أنثها لمناسبة الخفيفة والثقيلة؛ لأنهما بمعنى الفاعلة لا المفعولة، أو هذه التاء هي لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية، وقد يقال: هي فيما لم يقع الفعل بعد تقول: خذ ذبيحتك للشاة التي لم تذبح، وإذا وقع عليها الفعل فهي ذبيح.
فإن قلت: لم خصص لفظ "الرحمن" من بين سائر الأسماء الحسنى؟ قلت: لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الكثير. وعليه فضيلة عظيمة للكلمتين تقدم في آخر "كتاب الدعوات"[ح: ٦٤٠٦] أن من قال: "سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"، والمقصود من ذكر الخفة والثقل بيان قلة العمل وكثرة الثواب. فإن قلت: قد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن السجع؟ قلت: ذلك فيما كان كسجع الكهان في كونه متكلفًا أو متضمنًا لباطل، "ك"(٢٥/ ٢٤٩ - ٢٥٠).
(١) قوله: (خفيفتان على اللسان) فيه إشارة إلى قلة كلامهما وأحرفهما ورشاقتهما. قال الطيبي: الخفة مستعارة للسهولة، وشبه سهولة جريانهما على اللسان بما خف على الحامل من بعض الأمتعة فلا يتعبه كالشيء الثقيل. وفيه إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة وهذه سهلة عليها مع أنها تثقل الميزان كثقل الشاق من التكاليف، "ف"(١٣/ ٥٤٠ - ٥٤١).
(٢) قوله: (ثقيلتان في الميزان) هو موضع الترجمة؛ لأنه مطابق لقوله:"وإن أعمال بني آدم توزن"، "ف"(١٣/ ٥٤٠).
(٣) قوله: (سبحان) مصدر لازم النصب بإضمار الفعل وهو علم للتسبيح. والعلم على نوعين: علم جنسي وعلم شخصي. ثم إنه تارة يكون