(١) قوله: (ويلعن الكفار) فإن قلت: كيف جاز اللعن، وفيه تنفير الكفار إرادةً، وإبقاؤهم (١) على الكفر؟ قلت: هذا كان قبل نزول آية {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨]، قال الغزالي وغيره: لا يجوز لعن أعيان الكفار حيًّا كان أو ميتًا، إلا من علمناه من النصوص أنه مات كافرًا، كأبي لهب، ويجوز لعن طائفتهم، كقولك: لعن الله الكفار.
قال أصحابنا: القنوت مسنون في الصبح دائمًا لِما صحّ عن أنس: أن القنوت في الصبح، ولم يتركه فيها، وإن نزل نازلة كعدو، وقحط، قنتوا في جميع الفرائض، قاله الكرماني (٥/ ١٥٣).
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا قنوت في الصبح، والدليل عليه ما ذكره ابن الهمام في "فتح القدير"(١/ ٤٣٢ - ٤٣٣): أخرج أبو حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقنت في الفجر قطّ إلا شهرًا واحدًا، لم ير قبل ذلك ولا بعده، وإنما قنت في ذلك الشهر يدعو على ناس من المشركين"، فهذا لا غبار عليه.
ولهذا لم يكن أنس يقنت في الصبح، كما رواه الطبراني، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا شيبان بن فروخ، ثنا غالب بن فرقد الطحاني قال:"كنت عند أنس بن مالك شهرين، فلم يقنت في صلاة الغداة"، وإذا ثبت النسخ، وجب حمل الذي عن أنس من رواية أبي جعفر ونحوه: إما على الغلط، أو على طول القيام، أو يحمل على قنوت النوازل، كما اختاره بعض أهل الحديث.