وأما قنوت أبي هريرة المروي فإنما أراد بيان أن القنوت والدعاء للمؤمنين وعلى الكافرين، قد كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا أنه مستمر، لاعترافهم بأن القنوت المستمر ليس يُسَنّ فيه الدعاء لهؤلاء، وعلى هؤلاء في كل صبح، ومِمّا يدل على أن هذا أرادوا (١) ما أخرجه ابن حبان: عن إبراهيم وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقنت في صلاة الصبح، إلا أن يدعو لقوم أو على قوم"، وهو سند صحيح، فلزم أن مراده ما قلنا، أو بقاء قنوت النوازل، وكيف يكون القنوت سنةً راتبةً جهريةً، وقد صحَّ حديث أبي مالك سعد بن طارق الأشجعي عن أبيه:"صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف علي فلم يقنت"، ثم قال:"يا بني إنها بدعة"، رواه النسائي وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ولفظ ابن ماجه عن ابن مالك قال:"قلت لأبي: يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم بالكوفة نحوًا من خمس سنين، أَكانوا يقنتون في الفجر؟ قال: أي بنيّ مُحْدَثٌ"، وكذا أخرج ابن أبي شيبة، انتهى.
(١)"عبد الله بن أبي الأسود" هو جد أبيه نسب إليه لشهرته به، واسم أبيه محمد بن حميد البصري.