= تثبت أو تنفي، فلعل غرضه أنه لا يصلى عليها في المسجد بدليل تعيين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موضع الجنازة عند المسجد، ولو جاز فيه لما عينه في خارجه، هذا ما قاله الكرماني (٧/ ١١٢).
قال ابن الهمام (٢/ ١٢٨ - ١٢٩): وما في "مسلم"[ح: ٩٧٣]: "لما توفي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قالت عائشة رضي الله عنها: ادْخُلُوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأُنكر ذلك عليها، فقالت: والله لقد صلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ابْنَيْ بيضاء في المسجد: سهيل وأخيه"، قلنا أولًا: واقعة حال لا عموم لها، فيجوز كون ذلك كان لضرورة كونه كان معتكفًا، ولو سلّم عدمها فإنكارهم -وهم الصحابة والتابعون- دليل على أن الأمر استقرّ بعد ذلك على تركه؛ لما روى أبو داود [ح: ٣١٩١] عن أبي هريرة: "من صلّى على جنازة في المسجد فلا شيء له" وفي رواية: "فلا شيء عليه" وروي: "فلا أجر له" انتهى كلامه مختصرًا، وسيجيء شيء آخر من كلامه أيضًا.
قال الشيخ في "اللمعات"(٤/ ٣٣٢): قال بعض الشافعية: إن حديث أبي هريرة رضي الله عنه ضعيف؛ لأنه من أفراد صالح مولى التوأمة وهو يضعَّفُ، قال الشيخ ابن الهمام: مولى التوأمة ثقة، لكنه اختلط في آخر عمره، وأسند النسائي إلى ابن معين أنه قال: ثقة، لكنه اختلط قبل موته، فمن سمع [منه] ذلك فهو ثبت حجة، وكلهم على أن ابن أبي ذئب راوي هذا الحديث [عنه]، سمع منه قبل الاختلاط، فوجب قبوله، وما روي أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- قد صلي عليهما في المسجد، فعلى تقدير ثبوته يحمل على أن الجنازة كانت خارج المسجد هذا، والحق أن قولهم -أي: قول من يجوزها في المسجد كالشافعية-: إن كان أن السنة أو الأفضل أن يصلى في المسجد فهو باطل قطعًا، وإلا لكان هو المعمول في زمنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمتوارث بعده، ولم ينكره أحد، بل لم يتركه أحد إلا لضرورة، وإن كان