= لصحة الأحاديث فيه، قال العيني (٨/ ١٥٣ - ١٥٥): ليس القول القديم مذهبًا له فإنه غسل كتبه القديمة، وأشهد على نفسه بالرجوع عنها، هكذا نقله عنه أصحابه. قال الكرماني (٩/ ١٢٢): للشافعي قولان، أشهرهما: لا يصام عنه، وقال أحمد بظاهره، وقال أكثرهم: لا يصوم أحد عن أحد، وشبَّهوه بالصلاة وأوَّلوا الحديث بأنه يُكَفَّرُ عنه بالإطعام فيقوم ذلك مقام الصيام عنه، انتهى مختصرًا.
والثالث: يطعم عنه كلَّ يوم نصفَ صاع من بر أو صاعًا من غيره، وهو قول أبي حنيفة، وهذا إذا أوصى به، فإن لم يوص فلا يطعم عنه، -أي: لا يجب بدون الوصية وكذا بالوصية إن لم يترك مالًا-.
وحجة أصحابنا الحنفية ما رواه النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"لا يصلّي أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه". وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من مات وعليه صوم شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينًا".
قال القرطبي في "شرح الموطأ": إسناده حسن. ولنا قاعدة في مثل هذا الباب، وهي أن الصحابي إذا روى شيئًا ثم أفتى بخلافه فالعبرة لما أفتاه؛ لأن فتواه بخلاف ما رواه إنما يكون لظهور نسخٍ عنده، ولا يمكن أن يخالف ما رواه من النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأجل اجتهاده؛ لأنه مصادمة للنصِّ، وذا لا يقال في حق الصحابي، وقد روى الطحاوي بسند صحيح عن عمرة: قلت لعائشة: إن أمي توفيت وعليها صيام رمضان، أيصلح أن أقضي عنها؟ فقالت: لا، وأن تصدقي عنها مكان كل يوم على مسكين خير من صيامك، انتهى. وقد أجمعوا على أنه لا يصلي أحد [عن أحد] فوجب أن يردّ ما اختُلِف فيه إلى ما أُجمع عليه، ملتقط من "العيني".