"قَدْ جَلَدَهُ مِائَةً" في نـ: "قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلدَةٍ".
===
(١) قوله: (فصدّقهم) بالتشديد في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة، أي: صدّق القائلين بما قالوا، وفي بعض الأصول "فصدقهم" بالتخفيف، أي: صدق الرجل القوم واعترف بما وقع منه، لكن اعتذر بأنه لم يكن عالمًا بحرمة وطء جارية امرأته، أو بأنها جاريتها لأنها التَبَسَتْ أو اشتبهت بجارية نفسه أو بزوجته، ولعل اجتهاد عمر رضي الله عنه اقتضى أن يجلد الجاهلَ بالحرمة، وإلا فالواجب الرجم، فإذا سقط بالعذر لم يجلد، واستنبط من هذه القضية مشروعية الكفالة بالأبدان، فإن حمزة صحابيٌّ وقد فعله، ولم ينكره عليه عمر رضي الله عنه مع كثرة الصحابة حينئذ، قاله القسطلاني (٥/ ٢٨٩).
قال العيني (٨/ ٦٥٣): وإنما جلد عمر للرجل مائة تعزيرًا، وكان ذلك بحضرة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال ابن التين: فيه شاهد لمذهب مالك في مجاوزة الإمام في التعزير قدر الحدِّ، ورُدَّ عليه بأنه فعلُ صحابيٍّ عارضه مرفوع صحيح فلا حجة فيه.
قلت: هذا الباب فيه خلاف بين العلماء، فمذهب مالك وأبي ثور وأبي يوسف في قول، والطحاوي: أن التعزير ليس له مقدار محدود، ويجوز للإمام أن يبلغ به ما رآه، وأن يجاوز به الحدود، وأجابوا عن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُجْلَد فوق عشر جلدات إلا في حدٍّ من حدود الله" بأنه في حقِّ من يرتدع بالردع، ويؤثِّر فيه أدنى الزجر كأشراف الناس، وأما السَّفَلة وأسقاط الناس فلا يؤثِّر فيهم عشرُ جلدات ولا عشرون، فيعزِّرهم الإمام بحسب ما يراه، كذا في "العيني"، وفيه أقوال أُخَرُ ذكرها العيني أيضًا.
وفي "الهداية"(١/ ٣٦٠): التعزير أكثره تسعة وثلاثون سوطًا، وأقلُّه ثلاث جلدات، وقال أبو يوسف: يبلغ التعزير خمسة وسبعين سوطًا، انتهى.