وللنسفي:"إن اللهَ لا يحب الفساد"، والأول وقع في التلاوة، والثاني سهو من الناسخ، والفساد خلاف الصلاح، قوله:"ولا يصلح" كذا للأكثر، ولابن شبويه والنسفي:"لا يحب" بدل "لا يصلح"، وقيل: هو سهو، قوله:" {أَصَلَاتُكَ} " إلى قوله: " {مَا نَشَاءُ}[هود: ٨٧]، قال المفسرون: كان ينهاهم عن إفسادها فقالوا: إن شِئْنا حفظناها، وإن شِئْنا طرحناها.
قوله: "وقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}" الآية [النساء: ٥]، قال الطبري بعد أن حكى أقوال المفسِّرين في المراد بالسفهاء: الصواب عندنا أنها عامّة في حقِّ كل سفيه، صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى، والسفيه هو الذي يضيع المال ويُفسِده بسوء تدبيره.
قوله: "والحَجْرِ في ذلك" أي في السفه، وهو معطوف على قوله: "إضاعة المال"، والحَجْر في اللغة: المنع، وفي الشرع: المنع من التصرف في المال، والجمهور على جواز الحجر على الكبير، وخالفه أبو حنيفة وبعض الظاهرية ووافق أبو يوسف ومحمد، قال الطحاوي: لم أَرَ عن أحد من الصحابة منعَ الحجر عن الكبير، ولا عن التابعين، إلا عن إبراهيم وابن سيرين، ومن حجة الجمهور حديث ابن عباس: أنه كتب إلى نَجدَةَ: وَكَتَبْتَ تسألني: متى ينقضي يتمُ اليتيم؟ فَلَعَمْري إنّ الرجل لَتَنْبُتُ لحيته وإنه لضعيفُ الأخذ لنفسه، ضعيفُ العطاء [منها]، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما أخذ الناسُ فقد ذهب عنه اليتمُ، قاله ابن حجر في "الفتح" (٥/ ٦٨).
قال العيني (٩/ ١٣٠): واحتج أبو حنيفة بحديث يأتي الآن: "إذا بايعتَ فقل: لا خلابة"، فإنه كان يُغبَن في البيوع، ومع ذلك لم يمنعه من التصرف ولا حجر عليه، وحجة الآخرين الآية المذكورة، وهي قوله تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} الآية [النساء: ٥]، انتهى مختصرًا. [انظر: "بذل المجهود" (١١/ ٢١٩)].