صراط خاصٍّ بهم، ولا يرجع إلى النار من هذا أحدٌ، وهو معنى قوله:"إذا خلص المؤمنون من النار" أي: من الصراط المضروب على النار، وقال مقاتل: إذا قطعوا جسر جهنم حُبِسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فإذا هُذِّبُوا قال لهم رضوان:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}[الزمر: ٧٣]، قوله:"بين الجنة والنار" أي: بقنطرة كائنة بين الجنة والصراط الذي على متن النار، ولهذا سمي بالصراط الثاني، انتهى.
(١) قوله: (فيتقاصّون) بتشديد الصاد المهملة من القصاص، يعني: يتبع بعضهم [بعضًا] فيما وقع بينهم من المظالم التي كانت بينهم في الدنيا من كل نوع من المظالم المتعلّقة بالأبدان والأموال، قال ابن بطال: المقاصّة في هذا الحديث هي لقوم دون قوم، هم قوم لا تستغرق مظالمهم جميع حسناتهم، لأنها لو استغرقت جميعَ حسناتهم لكانوا ممن وجب لهم العذاب، ولما جاز أن يقال فيهم: خلصوا من النار، فمعنى الحديث -والله أعلم- على الخصوص لمن لم يكن لهم تبعات (١) يسيرة، إذ المقاصّة لا يكون إلا بين اثنين، كالمشاتمة والمقاتلة، فكان لكل أحد منهم على أخيه مظلمة، وعليه له مظلمة، ولم يكن في شيء منها ما يستحقّ عليه النار، فيتقاصّون بالحسنات والسيئات، فمن كانت مظلمته أكثرَ من مظلمة أخيه أُخِذَ من حسناته، فيدخلون الجنة ويقتطعون فيها المنازل على قدر ما بقي لكل واحد منهم من الحسنات، فلهذا يتقاصّون بعد خلاصهم من النار، "ك"(١١/ ١٦)، "ع"(٩/ ١٨٥).