للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما اعتنى العلماء ببيان "الجامع الصحيح" منذ خرج إلى الناس وصاروا يروُونه ويتناسخونه ويتناقلونه بين البلدان، إلى أن أفضى الزمن إلى الطباعة، فعنوا بتفسير غريبه وإيضاح ما أشكل منه، والتعريف برجاله، وتخريج أطرافه لبيان مواضعها وتكرارها من الكتب والأبواب، وكشف وجوه التناسب المعنوي والصلة الفقهية بين تراجم الأبواب والأحاديث المذكورة فيها.

ومنهم من شرح الكتاب شرحًا كاملًا، مفصلًا لهذه الوجوه من البيان كلها أو بعضها، كالخطابي والداودي والمهلّب بن أبي صفرة وابن بطال وابن التين والزين بن المنير والعيني والقسطلاني، في آخرين يبلغون المئات يتصدرهم الحافظ ابن حجر العسقلاني الذي أوفى على الغاية في خدمة "الجامع الصحيح" من جميع الجوانب المتعلقة ببيانه، حتى إن أحد المشاهير من العلماء، لما سئل أن يضع شرحًا على "البخاري"، قال: "لا هجرة بعد الفتح".

وطريقته فيه أن يستهلَّ بالكلام على تراجم الأبواب، وما فيها من الدلالة على فقه البخاري، وما لغيره في المسألة التي تضمنتها الترجمة وفاقًا وخلافًا، ثم يُثَنِّي بالكلام على أسانيد الأحاديث، وما فيها من نكت ولطائف، ثم يثلِّث بالكلام على المعنى باستيفاء وتقصِّ لا مزيد عليه.

هذا، وقد برزت في دهلي يقظة علمية انقدحت جذوتها منذ ثلاثة قرون، تركزت على العناية بالحديث وعلومه وفنونه المختلفة روايةً ودرايةً، ثم انتشرت هذه اليقظة حتى عمّت ربوع الهند والسند، وكان ذلك فضلًا ادّخره الله تعالى لتلك البلاد وأهلها؛ إذ جنَّدهم لحفظ سنة نبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>