(١) قوله: (غير مشقوق عليه) أي: غير مكلّف عليه في الاكتساب، حاصله: يكلّف العبد بالاستسعاء قدر نصيب الشريك الآخر بلا تشديد، فإذا دفعه إليه عتق، ومعنى هذا الحديث مثل حديث ابن عمر، غير أن فيه زيادة وهي الاستسعاء، وثبت هذا عند الشيخين والترمذي.
واحتجّ بهذا أبو حنيفة وقال: إن شريكه مُخيَّر إما أن يعتق نصيبه أو يستسعى العبد، والولاء في الوجهين لهما، أو يضمن المعتق قيمة نصيبه لو كان موسرًا، ويرجع بالذي ضمن على العبد، ويكون الولاء للمعتق، وعند أبي يوسف ومحمد: ليس له إلا الضمان مع اليسار، أو السعاية مع الإعسار، ولا يرجع المعتق على العبد بشيء، والولاء للمعتق في الوجهين، قال مالك والشافعي وأحمد: إذا كان عبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان له مال غرم نصيب صاحبه وعتق العبد من ماله، وإن لم يكن له مال عتق من العبد ما عتق ولا يستسعى، قال الترمذي: وهذا قول أهل المدينة، واحتجوا بحديث ابن عمر من حديثي الباب، قال ابن حزم: على ثبوت الاستسعاء ثلاثون صحابيًا، وقوله: "وإلا فقد عتق منه ما عتق"، لم تصحَّ هذه الزيادة عن الثقة أنه من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى قال أيوب ويحيى بن سعيد الأنصاري: أهو شيء في الحديث أو قاله نافع مِن قِبَله؟ وهما الراويان لهذا الحديث، وقال ابن حزم في "المحلى": هي مكذوبة، "عيني" (٩/ ٢٧٤، ٢٧٩)، مختصرًا.