بعض كتبه، وقال المزني: قَطَعَ في أربعة عشر موضعًا من كتبه بأن لا تباع، وهو الصحيح من مذهبه، وعليه جمهور أصحابه، وهو قول أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور، وكان أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وابن عباس وابن الزبير وجابر وأبو سعيد الخدري يجيزون بيع أمِّ الولد، وبه قال داود، وقال جابر وأبو سعيد:"كنا نبيع أمهاتِ الأولاد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، هذا ما قاله العيني (٩/ ٣٣١).
وفي "المشكاة": عن جابر قال: "بِعْنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا عنه فانتهينا"، رواه أبو داود (برقم: ٣٩٥٤).
وقال الشيخ في "اللمعات": احتجّ به من أجاز بيع أمهات الأولاد، قال الشُّمُنِّي: يحتمل أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يشعر ببيعهم إياهن، فلا يكون حجة إلا إذا علم به وأقرّهم عليه، ويحتمل أن يكون ذلك في أول الأمر ثم نهى عنه -صلى الله عليه وسلم- ولم يعلم به أبو بكر رضي الله عنه لقصور مدة خلافته واشتغاله بأمور، ثم نهى عمر رضي الله عنه لما بلغه نهي النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما قيل في حديث جابر في المتعة الذي رواه مسلم (برقم: ١٤٠٥): "كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر حتى نهانا عمر" انتهى.
قال الطيبي (٧/ ١٤ - ١٥): هذا من أقوى الدلائل على بطلان بيع أمهات الأولاد، وذلك أن الصحابة لو لم يعلموا أن الحق مع عمر لم يتابعوه عليه، ولم يسكتوا عنه أيضًا، فإن قيل: أَوَليس علي رضي الله عنه قد خالف القائلين ببطلانه؟ قيل: لم يُنْقَل عن علي رضي الله عنه خلاف اجتماع آراء الصحابة على ما قال عمر رضي الله عنه، ولم يصحّ عنه أنه قضى بجواز بيعهن أو أمر بالقضاء به، بل الذي صحّ عنه أنه كان متردِّدًا في القول به، وهذا الذي نُقِل عنه محمول على أن النسخ لم يبلغه، أو لم يحضر المدينة يوم