للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُذْكَرُ (١) أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى بِالدَّيْنِ قَبلَ الْوَصِيَّةِ.

وَقِوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨]، فَأدَاءُ الأمَانَةِ أحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ. وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى (٢) ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (٣): لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ

"أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى" في نـ: "عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَضى". "عَزَّ وَجَلَّ" ثبت في ذ.

===

الوصية في الذكر؛ لأنها تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدين؛ لأنه يقع قهرًا فكانت الوصية أفضل فاستحقت البداءة. وقيل: الوصية تؤخذ بغير عوض فهي أشق على الورثة من الدَّين، وفيها مظنة التفريط فكانت أهم فقدمت، وقد نازع بعضهم في إطلاق كون الوصية مقدمة على الدين في الآية؛ لأنه ليس فيها صيغة ترتيب، بل المراد: أن المواريث إنما تقع بعد قضاء الدين وإنفاذ الوصية، وأتى بـ {أَوْ} التي للإباحة، وهي كقولك: جالس الحسن أو ابن سيرين أي: لك مجالسة كلٍّ منهما؛ اجتمعا أو افترقا، [انظر "قس" (٦/ ٢٦٠)].

(١) قوله: (ويُذْكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالدَّين قبل الوصية) هذا طرف من حديث أخرجه الترمذي وغيره من طريق الحارث الأعور وهو ضعيف، لكن قال الترمذي: إن العمل عليه عند أهل العلم. وكأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه، وإلا فلم تَجْرِ عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج به، وفي الباب ما يعضده أيضًا، "فتح الباري" (٥/ ٣٧٧).

(٢) قوله: (ظهر غنى) لفظ ظهر مقحم، والمديون ليس بغني، فالوصية التي لها حكم الصدقة يُعْتَبَرُ بعد الدَّين، وأراد بتأويل الآية مثله، "ك" (١٢/ ٦٧)، "خ" (٢/ ٢٩٥).

(٣) "وقال ابن عباس" فيما وصله ابن أبي شيبة [رقم: ٣١٥١٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>