للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ (١) عَلَى رَبِّكَ، وَهُوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦)} [القمر: ٤٥ - ٤٦].

وَقَالَ وُهَيْبٌ (٢): ثَنَا خَالِدٌ (٣): يَوْمَ بَدْرٍ. [أطرافه: ٣٩٥٣، ٤٨٧٥، ٤٨٧٧، أخرجه: س في الكبرى ١١٥٥٧، تحفة: ٦٠٥٤].

===

(١) قوله: (فقد ألححت) أي: طلبت الدعاء وبالغت فيه، قال الخطابي: قد يشكل معنى هذا الحديث على كثير من الناس، وذلك إذا رأوا نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يناشد ربه في استنجاز الوعد وأبو بكر يُسَكِّن منه فيتوهمون أن حال أبي بكر بالثقة بربه والطمأنينة إلى وعده أرفع من حاله، وهذا لا يجوز قطعًا، فالمعنى في مناشدته -صلى الله عليه وسلم- وإلحاحه في الدعاء الشفقة على قلوب أصحابه وتقويتهم، إذ كان ذلك أول مشهد شهدوه في لقاء العدو، وكانوا في قلة من العَدَدِ والعُدَّة، فابتهل بالدعاء وأَلَحَّ ليسكن ذلك ما في نفوسهم إذ كانوا يعلمون أن وسيلته مقبولة، ودعوته مستجابة، فلما قال له أبو بكر مقالته كَفَّ عن الدعاء إذ علم أنه استجيب دعاؤه بما وجده أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة، حتى قال له هذا القول، ويدل على صحة ما تأولناه تمثيلُه على إثر ذلك بقوله: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}، هذا ما قاله الكرماني (١٢/ ١٧٤)، ونقله في "الخير الجاري"، وقال: وههنا احتمال آخر وهو أن أبا بكر لعله قال ما قال خوفًا من أن ينزل العذاب على الذين ظلموا وعلى غيرهم، كما في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] لما رأى من شدة التعب على حبيب الله ورسوله، انتهى.

(٢) "وقال وهيب" بضم الواو مصغرًا، ابن خالد بن عجلان البصري فيما وصله المؤلف في "سورة القمر".

(٣) "خالد" الحذاء أي: عن عكرمة عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>