للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا أَقُولُ لَكَ، إِلَّا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَّا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ سَأَلَ رَجُلًا فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ (١) مِنَ الدُّنْيَا

===

المستثنى وهو "مَرَّة"، والحاصل أن الرجل سأل ابن مسعود عن حكم طاعة الأمير، فأجابه ابن مسعود بالوجوب بشرط أن يكون المأمور به موافقًا لتقوى الله، هذا ما قاله الشيخ ابن حجر في "الفتح" (٦/ ١١٩).

قال الكرماني (١٢/ ٢٠١): فإن قلت: فما الجواب؟ قلت: وجوب المطاوعة يعلم من الاستثناء، إذ لولا صحته لما أوجب الرسول عليهم، أو اختيار التقوى، ويحمل عزمه - صلى الله عليه وسلم - تلك المرة على ضرورة كانت باعثة له عليه، انتهى كلام الكرماني.

(١) قوله: (ما غبر) بمعجمة وموحدة مفتوحتين أي مضى، وهو من الأضداد يطلق على ما مضى وعلى ما بقي، وهو هنا محتمل للأمرين. قال ابن الجوزي: وهو بالماضي هنا أشبه لقوله: "ما أذكر"، و"الثغب" بمثلثة مفتوحة ومعجمة ساكنة ويجوز فتحها، قال القزاز: وهو أكثر، وهو الغدير يكون في ظل فيبرد ماؤه ويروق، فشبه ما مضى من الدنيا بما شرب من صفوه، وما بقي منها بما تأخر من كدره. وإذا كان هذا في زمان ابن مسعود وقد مات هو قبل مقتل عثمان فما ذا يكون اعتقاده فيما جاء بعد ذلك وهلم جرًا؟.

وفي الحديث أنهم كانوا يعتقدون وجوب طاعة الإمام. وأما توقف ابن مسعود عن خصوص جوابه وعدوله إلى الجواب العام فللإشكال الذي وقع له من ذلك، وقد أشار إليه في بقية حديثه، ويستفاد منه التوقف في الإفتاء فيما أشكل من الأمر، كما لو أن بعض الأجناد استفتى أن السلطان [عَيَّنَه] في أمر مخوف بمجرد التشهي وكلّفه من ذلك ما لا يطيق، فمن أجابه

<<  <  ج: ص:  >  >>