للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بَازٌّ رَاشِدٌ تَابعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ تَسأَلُنِي نَصيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا -يُرِيدُ عَلِيًّا- يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَهٌ"، فَلَمَّا بَدَا لِي (١) أنْ أَدْفَعَهُ إِليْكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا، فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِليْكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِليْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ (٢)، قَالَ: فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً

===

(١) قوله: (فلما بدا لي) أي: ظهر وسنح لي "أن أدفعه إليكما"، فإن قلت: إن كان الدفع إليهما صوابًا فَلِمَ لم يدفعه في أول الحال، وإلا فَلِمَ دفعه في الآخر؟ قلت: أولًا منع على الوجه الذي كانا يطلبانه من التملك، وثانيًا أعطاهما على وجه التصرف فيها كما تصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحباه، "ك" (١٣/ ٨٠)، "خ".

(٢) قوله: (قالا: نعم) وفي تلك القصة إشكال، وهو أن أصل القصة صريح بأن العباس وعليًا قد علما بأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نورث"، فإن كانا سمعاه من النبي -صلى الله عليه وسلم- فكيف يطلبانه من أبي بكر؟ وإن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر؟ والذي يظهر -والله أعلم- حمل الأمر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة، وأن كلًّا من علي وفاطمة والعباس اعتقد أن عموم قوله: "لا نورث" مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض، ولذلك نسب عمر -رضي الله عنه- إلى علي وعباس -رضي الله عنهما- أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك، كذا في "الفتح" (٦/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>