للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمْ أَنْشَبْ (١) أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلَا إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي عَنْهُ، فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: "أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ " قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ: "هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ " قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: "كِلَاكُمَا قَتَلَهُ". سَلَبُهُ (٢) لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوح (٣). وَكَانَا (٤) مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوح.

"فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا" في ذ: "قَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا".

===

(١) أي: لم ألبث.

(٢) قضى بسلبه لمعاذ ترجيحًا لجراحته وقال: "كلاكما قتله" تطييبًا لخاطر الآخر، "مجمع" (٤/ ٢١٠).

(٣) بفتح الجيم وخفة الميم وبالمهملة، الأنصاري.

(٤) قوله: (وكانا) أي: الغلامان القاتلان، قوله: "معاذ بن عفراء" هو ابن الحارث النجاري، وأمه عفراء بفتح المهملة وسكون الفاء وبالراء والمد، فإن قلت: لم خصّص ابن الجموح بالسلب وهما اشتركا في القتل؟ قلت: القتل الشرعي الذي يتعلق به استحقاق السلب -وهو الإثخان- إنما وُجِد منه، وإنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كلاكما قتله" تطييبًا لقلب الآخر من حيث إن له مشاركةً في قتله، وإنما أخذ السيفين ليستدل بهما على حقيقة كيفية قتلهما، فعلم أن ابن الجموح هو المثخن. وقال المالكية: إنما أعطاه لأحدهما لأن الإمام يخير في السلب يفعل فيه ما يشاء، فإن قلت: قد جاء في غزوة بدر أن الذي ضربه هو ابنا عفراء أي: معاذ ومعوَّذ بلفظ المفعول من التعويذ بإعجام الذال، وفي "المغني" (ص: ٢٥٩): المعوذ بكسر الواو المشددة. وذكر أيضًا ثمة أن ابن مسعود هو الذي أجهزه وأخذ رأسه، فما التوفيق بينهما؟ قلت: يحتمل أن الثلاثة اشتركوا في قتله،

<<  <  ج: ص:  >  >>