للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شَهِدْتَ صِفِّينَ (١)؟ قَالَ: نَعَمْ، فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ (٢) وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لِأمْرٍ يُفْظِعُنَا، إِلَّا أَسْهَلْنَ بِنَا

"وَلَوْ أَسْتَطِيعُ" في ذ: "فَلَوْ أَسْتَطِيعُ".

===

(١) قوله: (صفين) بكسر المهملة وشدة الفاء المكسورة: اسم موضع على الفرات وقع فيه حرب بين علي ومعاوية، قوله: "اتهموا رأيكم" على صيغة الأمر وذلك أن سهلًا كان يُتَّهَم بالتقصير في القتال، فقال: اتهموا فإني لا أقصر وما كنت مقصرًا وقت الحاجة كما في يوم الحديبية، فإني رأيت نفسي يومئذ بحيث لو قدرتُ على مخالفة حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلت قتالًا لا مزيد عليه، ولكن أتوقف اليوم عن القتال لمصلحة المسلمين. وأبو جندل بفتح الجيم وسكون النون وفتح المهملة: ابن سهيل، وقد جاء مسلمًا في قيود وقد عُذِّب في الله تعالى، عَذَّبه المشركون وقد ردّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فإن قلت: لِمَ نسب اليوم إليه ولم يقل: يوم الحديبية؟ قلت: لأن رده إلى المشركين كان شاقًّا على المسلمين وكان ذلك أعظم عليهم من سائر ما جرى عليهم من سائر الأمور، وفيه قال عمر: فعلام نعطي الدَّنِيَّةَ؟ بوزن الفعيلة أي: النقيصة والخصلة الخسيسة، أي: لِمَ نردّ أبا جندل إليهم، ونقاتل معهم، ولا نرضى بهذا الصلح؟ قوله: "لأمرٍ يفظعنا" بالفاء وبإعجام الظاء، أي: يُخَوِّفُنا ويشقّ علينا، قوله: "إلا أسهلن" أي: السيوف متلبسة بنا منتهية إلى أمر عرفنا حاله ومآله، وكان ذلك الأمر غير هذا الأمر الذي نحن فيه من المقاتلة التي تجري بين المسلمين، فإنه لا يسهلن بنا ولا تنتهي إلى ما عرفنا حاله ومآله، وكأنه اعتمد على ظاهر النصوص الواردة في النهي عن قتال المسلم، كذا في "الكرماني" (١٣/ ١٤٣) و"الخير الجاري".

(٢) العاصي بن سهيل، "قس" (٧/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>