للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رفع راية الإصلاح والتجديد، وحارب البدع والخرافات والعادات الجاهلية، ودعا إلى الدين الخالص والإسلام الصحيح، لذلك كله كان الحديث من حاجات هذة الأُمَّة الأساسية، وكان لا بدّ من تقييده وتسجيله وحفظه ونشره" (١).

فوفَّق الله تعالى علماء ذلك الزمان لخدمة هذا العلم الشريف، حفظًا ونشرًا، ثم تقييدًا وتسجيلًا، وعلى رأسهم كان الإمام مالك بن أنس الأصبحي المدني صاحب "الموطأ" (٩٣ - ١٧٩ هـ)، والإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبه الجعفي البخاري صاحب "الجامع الصحيح" (١٩٤ - ٢٥٦ هـ)، ويليهما أصحاب كتب الصحاح من أئمة الحديث الآخرين، ومن أهمهم أصحاب الكتب الصحاح الخمسة، وبخاصة منهم الإمام البخاري الذي امتاز كتابه من بين كتب الحديث باعتنائه الشديد بدقّة روايته وصحتها، حتى قيل عن كتابه "الصحيح": "إنه أصح الكتب بعد كتاب الله"، فكتابه "الجامع الصحيح" لا يزال سيبقى إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومَنْ عليها، متصدِّرًا كافة المراجع الحديثيَّة المعتمد عليها من قِبَل أهل العلم والبصيرة، وشاهدًا على الجهد الذي بذله الإمام محمد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله - في سبيل الحِفاظ على السنة النبوية المشرَّفة، والأمانة التي اتَّصف بها مؤلف "الجامع الصحيح" أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي والذي عرف بين أقرانه بـ "البخاري"، وامتاز بين أقرانه ومعاصِرِيه بجَودة الحفظ وقوّة الاسترجاع لمتون الحديث وأسانيدها، ومن أجل بلوغ تلك المكانة الرائعة قطع الإمام البخاري المسافات الطُّوال، وفي خلال مدةٍ وجيزةٍ استطاع


(١) من مقدمة كتاب "في وطن الإمام البخاري" (ص: ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>