فقالت: لا، بل من جهة أتباعهم المصدّقين، أي: ظنّ الرسل أن أتباعهم لم يكونوا صادقين في دعوى إيمانهم، وجواب "أما" محذوف، أي: فالمراد من الكاذبين فيها هم الأتباع. و"كذبوا" هو بالتخفيف ويحتمل التشديد، فأرادت عائشة أنهم استيقنوا التكذيب من غير المصدّقين، وظنّوا التكذيب آخرًا من المصدِّقين أوّلًا، كذا قال الكرماني (١٤/ ٤٠ - ٤١).
قال البيضاوي (١/ ٤٩٨) في تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}: أي: كذبتهم أنفُسُهم حين حدّثتهم بأنهم ينصرون، أو كذبهم القوم بوعد الإيمان، وقيل: الضمير للمرسل إليهم، أي: وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم بالدعوة والوعيد، وقيل: الأول للمرسل إليهم والثاني للمرسَل، أي: وظنوا أن الرسل قد كذبوا وأخلفوا فيما وعد لهم من النصر وخلط الأمر عليهم، وما روي عن ابن عباس:"أن الرسل ظنوا أنهم أخلفوا ما وعدهم اللّه من المحصر" إن صحّ هذا فقد أراد بالظنّ ما يهجس في القلب على طريق الوسوسة، هذا أو أن المراد به المبالغة في التراخي والإمهال على سبيل التمثيل، وقرأ غير الكوفيين بالتشديد، أي: وظنّ الرسل أن القوم قد كذَّبوهم فيما وعدوهم، وقرئ "كَذبوا" بالتخفيف وبناء الفاعل أي: وظنوا أنهم قد كذبوا فيما حدّثوا به عند قومهم لما تراخى عنهم ولم يَرَوْا له أثرًا.