(١) قوله: (فلا تخرجوا فرارًا منه. قال أبو النضر: لا يُخرجكم إِلَّا فرارًا منه) يريد أن الأولى رواية محمد بن المنكدر، والثانية رواية أبي النضر، فأما رواية ابن المنكدر فلا إشكال فيها، وأما رواية أبي النضر فروايته بالنصب كالذي هنا مشكلة، ورواها جماعة بالرفع، ولا إشكال فيها، كذا في "الفتح" (٦/ ٥٢٠). قال الكرماني (١٤/ ١٠٤): فإن قلت: ما وجه الجمع بين "لا تَخرجوا فرارًا" وبين "لا يُخرجكم إِلَّا فرارًا" إذ ظاهرهما متناقض؟ قلت: غرضه أن أبا النضر فسّر قوله: "لا تخرجوا" بأن المراد منه الحصر، يعني أن الخروج المنهيّ هو الذي يكون لمجرد الفرار لا لغرض آخر، فهو تفسير للمعلّل المنهيّ لا للنهي. قال النووي: روي "لا يُخرجكم إِلَّا فرار" بالرفع والنصب وكلاهما مشكل، لأن ظاهره المنع من الخروج بكل سبب إِلَّا للفرار، وهو ضدّ المراد. قال بعضهم: لفظة "إِلَّا" هذا غلط في الراوي، وصوابه حذفها، كما هو المعروف في الروايات، ووَجَّه طائفة النصبَ فقالوا: هو حال، وكلمة "إِلَّا" للإيجاب لا للاستثناء، وتقديره: لا تخرجوا إذا لم يكن خروجكم إِلَّا فرارًا منه. وفيه التسليم لقضاء الله ومنع القدوم على بلد الطاعون ومنع الخروج منه فرارًا من ذلك، وأما الخروج لعارض فلا بأس به، انتهى.