بدل "باب". والخوخة: طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء ولا يشترط علوّها، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب، وهو المقصود هنا ولهذا أطلق عليها باب. قوله: "إلا باب أبي بكر" هو استثناء مفرغ، والمعنى لا تبقوا بابًا غير مسدود إلا باب أبي بكر فاتركوه بغير سدّ.
قال الخطابي (١/ ٤٠٤) وابن بطال (٢/ ١١٥) وغيرهما: في هذا الحديث اختصاص ظاهر لأبي بكر، وفيه إشارة قوية إلى استحقاقه للخلافة، ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمّهم إلا أبو بكر، كذا في "الفتح" (٧/ ١٤).
قال العيني (٣/ ٥٢٧): وما روي عن ابن عباس أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: "سدّوا الأبواب إلا باب علي" -رضي اللّه عنه-، قال الترمذي [ح: ٣٧٣٢]: هو غريب، وقال البخاري: حديث: "إلا باب أبي بكر" أصح، وقال الحاكم: تفرد به مسكين بن بكير، وقال ابن عساكر: وهو وهم، وتابعه إبراهيم بن المختار، انتهى كلام العيني.
وزعم ابن الجوزي أنها موضوعة وضعتها الرافضة ليقابلوا به حديث أبي بكر، لكنه رده الشيخ ابن حجر وقال: إنه أخطأ في ذلك خطأ شنيعًا، فإن الجمع ممكن بأن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين، ففي المرة الأولى استثنى عليًّا، حيث قال: "لا يحلّ لأحد أن يستطرق هذا المسجد جنبًا غيري وغيرك" وذلك قبل مرضه بمدة، وفي الثانية استثنى أبا بكر، وذلك في مرض موته، ثم الثانية كانت في الْخُوَخ، والأولى في الأبواب، ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة علي -رضي اللّه عنه- على الباب الحقيقي، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي، والمراد به الخوخة، فكأنهم لما أُمروا بسدّ الأبواب سدّوها وأحدثوا أخواخًا، وذكر هذا الجمع الطحاوي والكلاباذي وغيرهما، كذا في "التوشيح" (٦/ ٢٣٢٠) أيضًا.