فَنَحَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - هَدَايَاهُ، وَحَلَقَ وَقَصَّرَ أَصْحَابُهُ. "أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوْجَبْتُ عُمْرَةً"(١). فَإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا أُرَى شَأْنَهُمَا (٢) إِلَّا وَاحِدًا (٣)، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِي (٤). فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا وَسَعْيًا وَاحِدًا (٥)، حَتَّى حَلَّ
"أَنِّي أَوْجَبْتُ" في نـ: "أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ" مصحَّح عليه. "صَنَعْتُ" في ذ: "فَصَنَعْتُ (١) ". "صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ" في ذ: "صَنَعَ النَّبِيُّ".
===
(١) قوله: (أشهدكم أني أوجبت عمرة) أي ألزمت نفسي ذلك، وكأنه أراد تعليم من يريد الاقتداء به، وإلا فالتلفظ ليس بشرط، "عيني"(٧/ ٤٥٠)، ومرَّ الحديث مرارًا.
(٢) أي: الحج والعمرة.
(٣) أي: في جواز التحلل منهما بالإحصار، "قس"(٩/ ٢٤٢).
(٤) قوله: (قد أوجبت حجة مع عمرتي) قال العيني: فيه إدخال الحج على العمرة، فما حكمه؟ قلت: قال القاضي عياض: اتفق العلماء على جواز إدخال الحج على العمرة، وشذَّ بعض الناس فمنعه فقال: لا يدخل بإحرام على إحرام كما في الصلاة، واختلفوا في عكسه، وهو إدخال العمرة على الحج، فجوَّزه أبو حنيفة والشافعي في القديم، ومنعه آخرون، وقالوا: هذا كان خاصًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. قلنا: دعوى الخصوصية تحتاج إلى دليل، انتهى كلام العيني (٧/ ٨٨).
(٥) قوله: (فطاف طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا) هذا يؤيد من قال: الطواف الواحد والسعي الواحد يكفيان للقارن، وهو مذهب عطاء والحسن وطاوس، وبه قال مالك وأحمد والشافعي وغيرهم، وقد روى سعيد بن
(١) كذا في الهندية، وفي "قس" (٩/ ٢٤٢) والسلطانية: ولأبي ذر: "صَنَعْنَا".