{أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} يعني من المزدلفة إلى منى، لكن يشكل على الأول لفظة "ثم" لأنه مقدم على الوقوف بالمعشر الحرام، فقيل:"ثم" ههنا بمعنى الواو، والأوجه أن كلمة "ثم" ههنا لتفاوت ما بين الإفاضتين رتبة؛ فإن الإفاضة من عرفات فريضة ركن للحج إجماعًا يفوت الحج بفواته (١) بخلاف الوقوف بالمزدلفة فإنه ليس بركن للحج إجماعًا، إلا ما روي عن ليث وعلقمة فإنهما قالا بركنيته، ونظيرها في القرآن: {فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: ١٣ - ١٧] فإن مقتضى هذه الآية أن الإيمان أعظم درجة من سائر الحسنات، والله أعلم، انتهى مختصرًا.