إلى طلوع الشمس"، قال في "الأنوار": وهو أطيب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر، وشعاع الشمس يسخن الجوَّ ويبهر البصر، ولذلك وصف به الجنة فقال:{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}[الواقعة: ٣٠]، انتهى. قوله: "{سَاكِنًا}" يريد قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم: أي: "دائمًا" أي: ثابتًا لا يزول ولا تذهبه الشمس، قال أبو عبيدة: الظل ما نسخته الشمس وهو بالغداة، والفيء ما نسخ الشمس، وهو بعد الزوال، وسمي فيئًا لأنه فاء -مَالَ- من الجانب الغربي إلى الشرقي. قال تعالى:{ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم أيضًا: أي: "طلوع الشمس" دليل حصول الظل، فلو لم تكن الشمس لما عُرِفَ الظل، ولولا النور ما عُرِفَ الظلمة، والأشياء تُعْرَفُ بأضدادها. قوله: "{خِلْفَةً}" في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم: "من فاته من الليل عمل أدركه بالنهار، أو فاته بالنهار أدركه بالليل" هذا التفسير يؤيده رواية مسلم (ح: ٧٤٧) في حديث عمر: "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل"، كذا في "التنقيح" (٢/ ٩٧٠).
قال القسطلاني (١٠/ ٥٣٧ - ٥٣٨): وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: فاتتني الصلاةُ الليلةَ، فقال: أَدرِكْ ما فاتكَ من ليلتكَ في نهاركَ، فإن اللَّه تعالى جعل الليل والنهار خلفة. أو يخلف أحدهما الآخر يتعاقبان، إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب ذاك، و" {خِلْفَةً}" مفعول ثان لِـ "{جَعَلَ} " أو حال.