للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

"لذو سعة" بخلقنا، قاله الفراء، وقال غيره: القادرون من الوسع بمعنى الطاقة. وكذلك قوله تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} يعني "القوي" قاله الفراء أيضًا، قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} أي: نوعين وصنفين مختلفين "الذكر والأنثى" من جميع الحيوان "و" كذا "اختلاف الألوان"، وكذا اختلاف الطعوم "حلو وحامض فهما" لما بينهما من الضدية كالذكر والأنثى "زوجان" كالسماء والأرض، والنور والظلمة، والإيمان والكفر ونحوها، قوله: " {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} " أي: "من اللَّه [إليه] "، ولأبي الوقت معناه: من اللَّه إليه أي: من معصيته إلى طاعته، أو من عذابه إلى رحمته. قوله: " {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} " ولأبي ذر: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أي: "ما خلقت أهل السعادة من أهل الفريقين" الجن والإنس "إلا ليوحدون"، فجعل العام والمراد به الخصوص، فإن قلت: لم خصصهم بالسعداء منهم، وفسر العبادة بالتوحيد؟ قلت: ليظهر الملازمة بين العلة والمعلول. قوله: "قال بعضهم: خلقهم ليفعلوا ففعل بعض وترك بعض" هذا يدل على إمامة البخاري في علم الكلام، وذكر للآية تأويلان؛ أحدهما: أن اللفظ عام، والمراد به خاص، وهم أهل السعادة وكل ميسر لما خلق له، ثانيهما: خلقهم معدين للعبادة، كما تقول: البقرة مخلوقة للحرث، وقد يكون فيها ما لا يحرث، قوله: "وليس فيه حجة لأهل القدر" المعتزلة على أن إرادة اللَّه لا تتعلق إلا بالخير، وأما الشر فليس مرادًا له، لأنه لا يلزم من كون الشيء معللًا لشيء أن يكون ذلك الشيء مرادًا وأن لا يكون غيره مرادًا، وكذا لا حجة لهم في هذه الآية على أن أفعال العباد معللة بالأغراض إذ لا يلزم من وقوع التعليل في موضعٍ وجوبُ التعليل في كل موضع، ونحن نقول بجواز التعليل لا بوجوبه، أو أن اللام قد تثبت لغير الغرض كقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] ومعناه المقارنة، فالمعنى هنا: قرنت الخلق بالعبادة أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>