للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٥٦ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (١)، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى (٢)، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ". [راجع: ١٤٢٦، تحفة: ١٣١٨٧].

===

وهذا إنكار على السائلين عنه، يعني ليس هذا إلا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففيه نفي يريد به الإثبات، وإثبات يريد به النفي على سبيل التعكيس، ويحتمل أن يكون لفظ "هذا" إشارة إلى الكلام الأخير إدراجًا من أبي هريرة، وهو: "تقول المرأة" إلى آخره، فيكون إثباتًا لا إنكارًا، يعني هذا المقدار من كيسه فهو حقيقة في النفي والإثبات، وفي بعضها بفتح الكاف أي: من عقل أبي هريرة وكياسته. قال التيمي: أشار البخاري إلى أن بعضه من كلام أبي هريرة وهو مدرج في الحديث. وقال ابن بطال: فيه أن نفقته على الأهل محسوب في الصدقة، وإنما يبدأ بنفسه؛ لأن حق نفسه عليه أعظم من حق غيره بعد اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا وجه لإحياء غيره بإتلاف نفسه. وفيه: أن النفقة على الوالد للولد هو ما دام صغيرًا؛ لقوله: "إلى من تدعني؟ " وكذلك كل من لا طاقة له على الكسب كالزَّمِن ونحوه. واختلفوا في المعسر هل يفرق بينه وبين امرأته بعدم النفقة؟ فقال أبو حنيفة: لا؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]، ولقوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٢] فندب إلى نكاح الفقير فلا يجوز أن يكون الفقر سببًا للفرقة، وقال الأئمة الثلاثة: هي مخيّرة بين الصبر والفسخ؛ لقوله: "إما أن تطعمني وإما أن تطلقني"، ولقوله: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١] وإذا لم ينفق عليها فهو مضرّ بها، كذا في "الكرماني" (٢٠/ ٤ - ٥). [انظر "التوضيح" (٢٦/ ١٥)].

(١) الزهري.

(٢) أي: ما كان عفوًا قد فضل عن غنى، وقيل: ما فضل عن العيال، "مجمع" (٣/ ٥٠٥)، وقد مرَّ (برقم: ١٣٢٦) في "الزكاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>