قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ (١) "(٢). فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ (٣): مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ (٤): إِنَّ مِنَ الحَيَاءِ وَقَارًا (٥)، وَإِنَّ مِنَ
===
(١) قوله: (لا يأتي إلا بخير) لأن من استحيى من الناس أن يروه مرتكب المحارم، فذلك داعية إلى أن يكون أشدَّ حياء من الله، ومن استحيى من الله كان حياؤه زاجرًا له عن ارتكاب معاصيه. فإن قلت: صاحب الحياء قد يستحيي أن يواجه بالحق من يعظمه، أو يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق؟ قلت: هذا عجز؛ ولهذا قال بعضهم: الحياء بالاصطلاح الشرعي: هو خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في الحسن، "ك"(٢١/ ٢٣٤).
(٢) لأنه يعجز صاحبه عن ارتكاب المعاصي والمحارم، ولذا كان من الإيمان.
(٤) قوله: (مكتوب في الحكمة) أي: العلم الذي يبحث فيه عن أحوال حقائق الموجودات. وقيل: أي: العلم المتقن الوافي، "ك"(٢١/ ٢٣٤). قوله:"إن من الحياء وقاراً … " إلخ، وفي رواية أبي قتادة العدوي عن عمران:"إن منه سكينة ووقارًا لله" وفيه ضعف، وهذه الزيادة متعينة، ولأجلها غضب عمران، كما قاله في "الفتح"(١٠/ ٥٢٢)، وقال في "الكواكب"(٢١/ ٢٣٥): إنما غضب؛ لأن الحجة إنما هي في سُنَة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا فيما يروى عن كتب الحكمة، لأنه لا يدري ما حقيقتها، ولا يعرف صدقها، "قس"(١٣/ ١٤٩).
(٥) وهو الحلم والرزانة، "ع"(١٥/ ٢٥٦)، "ك"(٢١/ ٢٣٤).