قال في "الهداية"(٤/ ٤٩٧ - ٤٩٨): وإذا وجد القتيل في محلة، ولا يعلم من قتله، استحلِف خمسون رجلًا منهم، يتخيّرهم الولي:"بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلًا"، وقال الشافعي -رحمه الله -: إذا كان هناك لوث، استحلف الأولياء خمسين يمينًا، ويقضى لهم بالدية على المدعى عليه، عمدًا كانت الدعوى أو خطأ. وقال مالك: إذا كانت الدعوى في القتل العمد يقضى بالقود، وهو أحد قولي الشافعي -رحمه الله -، وقال أيضًا صاحب "الهداية": فإذا حلفوا أي: أهل المحلة قُضي على أهل المحلة بالدية، ولا يستحلف الولي، وقال الشافعي -رحمه الله -: لا تجب الدية لقوله عليه السلام: "تُبرئكم اليهود بأيمانها" ["نصب الراية"(٤/ ٣٩٣)]؛ ولأنَّ اليمين عهد في الشرع مبرئًا للمدعى عليه لا ملزمًا، كما سائر الدعاوي، ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الدية والقسامة في حديث ابن سهل وفي حديث زياد بن أبي مريم، وكذا جمع عمر رضي الله عنه بينهما على وادعة. وقوله عليه السلام:"تبرئكم اليهود" محمول على الإبراء عن القصاص والحبس، وكذا اليمين مبرئة عما وجب له اليمين، والقسامة ما شرعت لتجب الدية إذا نكلوا؛ بل شرعت ليظهر القصاص بتحرزهم عن اليمين الكاذبة، فيقروا بالقتل، فإذا حلفوا حصلت البراءة عن القصاص، انتهى.
(١) بفتح الميم في اليونينية، وفي غيرها بكسرها وفتح الموحدة: الموضع الذي يجتمع فيه الإبل، "قس"(١٣/ ١٧٨).