للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَمْ يُصَرِّحْ نَحْوَ قَوْلِهِ: السَّامُ عَلَيْكَ

٦٩٢٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ (١) قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَة، عَنْ هِشَامِ بْنِ زيْدِ بْنِ

"السَّامُ عَلَيْكَ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ: "السَّامُ عَلَيْكُمْ".

===

وهو الموت. قيل: ليس فيه تعريض السب. وأجيب: بأنه لم يرد به التعريض المصطلح، وهو أن يستعمل لفظًا في حقيقته يلوح به إلى معنى آخر يقصده، والظاهر: أن البخاري اختار في هذا مذهب الكوفيين، فإن عندهم من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عابه فإن كان ذميًا عُزِّر ولا يقتل، وهو قول الثوري أيضًا. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إن كان مسلمًا صار مرتدًا بذلك، وإن كان ذميا لا ينتقض عهده.

وقال الطحاوي: وقول اليهودي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "السام عليك"، لو كان مثل هذا الدعاء من مسلم لصار به مرتدًا يقتل، ولم يقتل الشارع القائل به من اليهود؛ لأن ما هم عليه من الشرك أعظم من سبه، فإن قلت: من أين يعلم أن البخاري اختار في هذا مذهب الكوفيين، ولم يصرح بالجواب في الترجمة؟ قلت: عدم تصريحه يدل على ذلك؛ إذ لو اختار غيره لصرح به، ويؤيده أن حديث الباب لا يدل على قتل من سَبّه من أهل الذمة، فإنه عليه السلام لم يقتله. فإن قلت: إنما لم يقتله لمصلحة التأليف، أو لعدم قيام البينة بالتصريح؟ قلت: لم يقتلهم بما هو أعظم منه، وهو الشرك كما ذكرناه، على أن قوله: "السام عليك" الدعاء بالموت، والموت لا بد منه. فإن قلت: قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - كعب بن الأشرف فإنه قال: "من لكعب؛ فإنه يؤذي الله ورسوله؟ " ووجه إليه من قتله غيلة! قلت: الجواب في هذا: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقتله بمجرد سبه، وإنما كان معينًا عليه، ويجمع من يحاربه؛ على أنه لم يكن من أهل الذمة، بل كان مشركًا يحارب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، "ع" (١٦/ ٢٠٣ - ٢٠٤). [انظر "التوضيح" (٣١/ ٥٣٨)].

(١) ابن المبارك، "ع" (١٦/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>