فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيتَ الْمِدْرَاسِ (١)، فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
===
(١) قوله: (بيت المِدْراس) بكسر الميم وآخره مهملة، مفعال من الدرس، والمراد به كبير اليهود، ونسب البيت إليه لأنه [هو] الذي كان صاحب دراسة كتبهم أي: قراءتها. ووقع في بعض الطرق:"حتى أتى المدراس"، ففسره في "المطالع" بالبيت الذي تقرأ فيه التوراة، ووجهه الكرماني بأن: إضافة البيت إليه من إضافة العام إلى الخاص، مثل شجر الأراك. وقال في "النهاية": مفعال غريب في المكان، والمعروف أنه من صيغ المبالغة للرجل. قلت: والصواب أنه على حذف الموصوف، والمراد: الرجل، وقد وقع في الرواية الماضية في الجزية [برقم: ٣١٦٧]: "حتى جئنا بيت المدارس" بتأخير الراء عن الألف بصيغة الفاعل من المفاعلة، وهو مَن يدرس الكتاب ويعلمه غيره. وفي حديث الرجم:"فوضع مِدْرَاسُها (١) الذي يُدَرِّسُها يده على آية الرجم"، وفسر هناك بأنه ابن صوربا، فيحتمل أن يكون هو المراد ها هنا، "ف"(١٢/ ٣١٨).
قيل: لا مطابقة؛ لأن الحديث أشبه ببيع المضطر، فإن المكره على البيع هو الذي يحمل على بيع الشيء أراد أو لم يرد، واليهود لم يبيعوا أرضهم ولم يحملوا عليه وإنما شحوا على أموالهم فاختاروا بيعها، فصاروا كأنهم اضطروا، فصار كالمضطر إلى بيع ماله عند تضييق دائنه عليه، فيكون جائزًا، ولو أكره عليه لم يجز، وأجيب: بأنه لو كان الإلزام بالبيع من جهة الشرع لجاز، على أنا قد ذكرنا أن المراد بقوله في الترجمة:"بيع المكره ونحوه" هو المضطر، "ع"(١٦/ ٢٢٧ - ٢٢٨). [انظر "التوضيح"(٣٢/ ٣٢)].
(١) هكذا في الأصل وفي "فتح الباري" (٨/ ٢٢٤) (رقم: ٤٥٥٦): "فوضع مدارسها" كذا للكشميهني، ولغيره: "مدارسها"، والأول أوجه.