قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيَّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَآنِي (١) فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ
"قَالَ رَسُولُ اللهِ" في نـ: "قَالَ النَّبِيُّ".
===
(١) قوله: (من رآني فقد رآني) اختلف العلماء في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقد رآني"، فقال ابن الباقلاني: معناه: أن رؤياه صحيحة ليست بأضغاث، ولا من تشبيهات الشيطان. ويؤيد قوله رواية: "فقد رأى الحق" أي: الرؤية الصحيحة، قال: وقد يراه الرائي على خلاف صفته المعروفة، كمن رآه أبيض اللحية، وقد يراه شخصان في زمن واحد أحدهما في المشرق والآخر في المغرب، ويراه كل واحد منهما في مكانه، وحكى المازري هذا عن ابن الباقلاني، ثم قال: وقال الآخرون: بل الحديث على ظاهره، والمراد:[أن] من رآه فقد أدركه، ولا مانع يمنع من ذلك، والعقل لا يحيله حتى يضطر إلى صرفه عن ظاهره. فأما قوله: بأنه قد يرى على خلاف صفته أو في مكانين معًا! فإن ذلك غلط في صفاته، وتخيّل لها على خلاف ما هي عليه، وقد يظن الظان بعض الخيالات مرئيًا لكون ما يتخيل مرتبطًا بما يرى في العادة، فتكون ذاته - صلى الله عليه وسلم - مرئية وصفاته متخيلة غير مرئية. والإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار، ولا قرب المسافة، ولا كون المرئي غير مدفون في الأرض، ولا ظاهرًا عليها - ولا خروج شعاع و [لا] غيره، أي: فإن الرؤية أمر يخلقها الله تعالى، "ك" (٢٤/ ١٠٦) -، وإنما يشترط كونه موجودًا، ولم يقم دليل على فناء جسمه - صلى الله عليه وسلم -، بل جاء في الأحاديث ما يقتضي بقاءه، قال: ولو رآه يأمر بقتل من يحرم قتله، كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية، هذا كلام المازري [انظر "المعلم" (٣/ ١١٩)]. قال القاضي [في "الإكمال" (٧/ ٢١٩)]: ويحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقد رآني أو فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي" المراد به: إذا رآه على صفته المعروفة له في حياته، فإن رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقية. وهذا الذي قاله القاضي ضعيف، بل