للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ (١) مَنْ يَشَاءُ

===

يكون راجعًا إلى تخاصم الجنة والنار بأن الذي جعل لكل منهما عدل وحكمة وباستحقاق كل منهم من غير أن يظلم أحدًا، وقال غيره: يحتمل أن يكون على سبيل التلميح بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: ٣٠] فعبر عن ترك تضييع الأجر بترك الظلم، فالمراد أنه يدخل من أحسن الجنة التي وعد المتقين برحمته، "ف" (١٣/ ٤٣٧).

(١) قوله: (ينشئ للنار) أي: يوجد ويخلق، وقال القابسي: المعروف في هذا الموضع أن الله ينشئ للجنة خلقًا، وأما النار فيضع فيها قدمه، قال: ولا أعلم في شيء من الأحاديث أنه ينشئ للنار خلقًا إلا هذا.

وقال الكرماني (٢٥/ ١٦٠): واعلم أن الحديث مرَّ في سورة "ق" (برقم: ٤٨٤٩) بعكس هذه الرواية، قال ثمة: "وأما النار فتمتلئ ولا يظلم الله من خلقه أحدًا، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقًا لا، وكذا في "صحيح مسلم فقيل: هذا وهم من الراوي إذ تعذيب غير العاصي لا يليق بكرم الله تعالى بخلاف الإنعام على غير المطيع، أقول: لا محذور في تعذيب الله تعالى من لا ذنب له إذ القاعدة القائلة بالحسن والقبح العقليين باطلة، فلو عذبه به لكان عدلًا، والإنشاء للجنة لا ينافي الإنشاء للنار، والله يفعل ما يشاء، ولا حاجة إلى الحمل على الوهم، والله أعلم، "ع" (١٦/ ٦٤٩ - ٦٥٠).

وعن المهلب [انظر "شرح ابن بطال" (١٠/ ٤٧٢)] قال: في هذه الرواية حجة لأهل السُّنَّة في قولهم: إن لله أن يعذب من لم يكلفه لعبادته في الدنيا؛ لأن كل شيء ملكه فلو عذبهم لكان غير ظالم لهم، انتهى.

وقد قال جماعة من الأئمة: إن هذا الموضع مقلوب، وجزم ابن القيم بأنه غلط، واحتج بأن الله تعالى أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس وأتباعه، وكذا أنكر الرواية شيخنا [البلقيني] واحتج بقوله: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}

<<  <  ج: ص:  >  >>