للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِصَوْتٍ (١) يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِك، أَنَا الدَّيَّانُ (٢) ".

"كَمَا يَسْمَعُهُ" في نـ: "كَمَا سَمِعَهُ".

===

- رضي الله عنه -: "وكنت زورت في نفسي مقالة قال: فسماه كلامًا قبل التكلم به، فإن كان المتكلم ذا مخارج سمع كلامه ذا حروف وأصوات، وإن كان غير ذي مخارج فهو بخلاف ذلك، والباري عز وجل ليس بذي مخارج، فلا يكون كلامه بحروف وأصوات، فإذا فهمه السامع تلاه بحروف وأصوات، ثم ذكر حديث جابر عن عبد الله بن أنيس وقال: اختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم يثبت لفظ الصوت في حديث صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان ثابتًا يرجع إلى غيره، كما في الحديث الذي قبله، وفي الحديث الذي بعده: أن الملائكة يسمعون عند حصول الوحي صوتًا، فيحتمل أن يكون الصوت للسماء أو للملك الآتي بالوحي أو لأجنحة الملائكة، وإذا احتمل ذلك لم يكن نصًّا في المسألة، وأشار في موضع آخر إلى أن الراوي أراد: فينادي نداء، فعبر عنه بقوله: بصوت، انتهى.

وهذا حاصل كلام من نفى الصوت من الأئمة، ويلزم منه: أن الله لم يسمع أحدًا من ملائكته ولا رسله كلامه بل ألهمهم إياه، وحاصل الاحتجاج للنفي: الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين؛ لأنها التي عهد أنها ذات مخارج، ولا يخفى ما فيه؛ إذ الصوت قد يكون من غير مخارج كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال أشعة كما سبق سلمنا، لكن تمنع القياس المذكور، وصفة الخالق لا تقاس على المخلوق، "فتح الباري" (١٣/ ٤٥٧ - ٤٥٨).

(١) أي: مخلوق غير قائم به، "ك" (٢٥/ ١٨٠).

(٢) أي: لا ملك إلا أنا، ولا يجازي إلا أنا، إذ تعريف الخبر دليل الحصر. واختار هذا اللفظ لأن فيه الإشارة إلى الصفات السبعة: الحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام. وليمكن المجازاة على الكليات والجزئيات قولًا وفعلًا، "ع" (١٦/ ٦٧١)، "ك" (٢٥/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>