(٢) قوله: (فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول: انطلق فأخرج منها) قيل: الطالبون للشفاعة منه عامة الخلائق، وذلك أيضًا للإراحة من هول الموقف لا للإخراج من النار. وأجاب القاضي عياض وقال: المراد فيؤذن لي في الشفاعة الموعود بها في إزالة الهول. وله شفاعات أخر خاصة بأمته، وفيه اختصار. وقال المهلب: قوله: "فأقول: يا رب أمتي أمتي" مما زاد سليمان بن حرب على سائر الرواة، وقال الداودي: لا أراه محفوظًا، لأن الخلائق اجتمعوا واستشفعوا، ولو كان المراد هذه الأمة خاصة لم تذهب إلى غير نبيها، وإذا كانت الشفاعة لهم في فصل القضاء فكيف يخصها بقوله:"أمتي أمتي"؟! ثم قال: وأول هذا الحديث ليس متصلًا بآخره، وإنما أقى فيه أول الأمر وآخره وفيما بينهما ليذهب كل أمة مع من كان يتبعه. وحديث: يؤتى بجهنم، وحديث ذكر الموازين والصراط وتناثر الصحف والخصام بين يدي الرب جل جلاله وأكثر أمور يوم القيامة هي ما بين أول هذا الحديث وآخره، "ع"(١٦/ ٦٨٩ - ٦٩٠).
قال الحافظ ابن حجر (١٣/ ٤٧٦): دعوى المهلب أن قوله: "فأقول: يا رب أمتي أمتي" مما زاده سليمان بن حرب على سائر الرواة اجتراء على القول بالظن الذي لا يستند إلى دليل؛ فإن سليمان بن حرب لم ينفرد بهذه الزيادة بل رواها معه سعيد بن منصور عند مسلم، وكذا أبو الربيع الزهراني عند مسلم والإسماعيلي - ولم يسق مسلم لفظه -، ويحيى بن حبيب بن عربي عند النسائي في التفسير ومحمد بن عبيد ومحمد بن سليمان كلاهما عند الإسماعيلي كلهم عن حماد بن زيد شيخ سليمان بن حرب فيه بهذه الزيادة، وكذا وقعت هذه الزيادة في هذا الموضع من حديث الشفاعة في الرواية الماضية في "كتاب الرقاق"، انتهى ملخصًا.