للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ مَعْمَرٌ (١): {ذَلِكَ الْكِتَابُ (٢)} [البقرة: ٢] هَذَا الْقُرْآن، {هُدًى

===

(١) هذا هو ابن المثنى اللغوي أبو عبيدة، ووهم من قال: إنه معمر بن راشد شيخ عبد الرزاق، "ف" (١٣/ ٥٠٥).

(٢) قوله: ({ذَلِكَ الْكِتَابُ} هذا القرآن) يعني ذلك بمعنى: هذا خلاف المشهور، وهو أن "ذلك" للبعيد و "هذا" للقريب، كقوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: ١٥] أي: هذا حكم الله، وكقوله: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} [البقرة: ٢٥٢] أي: هذه أعلام القرآن، "ك" (٢٥/ ٢٢٢).

قال أبو عبيدة: وقد يخاطب العرب الشاهد بمخاطبة الغائب، وقد أنكر ثعلب هذه المقالة وقال: استعمال أحد اللفظين موضع الآخر يقلب المعنى، وإنما المراد هذا القرآن هو ذلك الذي كانوا يستفتحون به عليكم، وقال الكسائي: لما كان القول والرسالة من السماء والكتاب والرسول في الأرض قيل ذلك يا محمد، وقال الفراء: هو كقولك للرجل وهو يحدثك: وذلك والله الحق، فهو في اللفظ بمنزلة الغائب وليس بغائب وإنما المعنى ذلك الذي سمعت به، واستشهد أبو عبيدة بقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ} فلما جاز أن يخبر بضميرين مختلفين ضمير المخاطب للحاضر وضمير الغيبة عن الغائب في قصة واحدة، فكذلك يجوز أن يخبر عن ضمير القريب بضمير البعيد، وهو صنيع مشهور في كلام العرب يسميه أصحاب المعاني الالتفات.

وقيل: الحكمة في هذا هاهنا أن كل من خوطب يجوز أن يركب الفلك لكن لما كان في العادة أن لا يركبها إلا الأقل وقع الخطاب أولًا للجميع ثم عدل إلى الإخبار عن البعض الذين من شانهم الركوب. ومناسبة هذه الآية لما تقدم من أن الهداية نوع من التبليغ، "ف" (١٣/ ٥٠٥ - ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>