للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ودلالة الموافقة أقوى في لسان العرب وأبلغ من غيرها حتى قال الزمخشري أيضًا: إن قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] أدل على نفي الضرب من: (لا تضربهما)، وقال: إنها من نكت علم البيان ثم غفل عنها وقلب النظم لما أبلغ سائغ بل أكمل بمراعاة البلاغة، ومدار هذه المسألة أي: كون ما مصدرية مع الفعل على أن الحقيقة مقدمة على المجاز، وذلك لأن الخشب التي منها الأصنام وصور الأصنام ليست بعمل لنا، وإنما عملنا ما أقدرنا الله عليه من المعاني المكتسبة، فإذا قلت: عمل النجار السرير فالمعنى عمل حركات [في محل] أظهر الله لنا عندها الشكل في السرير، فقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} وجب حمله على الحقيقة وهي معمولكم.

وأجاب البيضاوي بأن كون "ما" مصدرية يترجح أيضًا بأن غيره لا يخلو من حذف أو مجاز، وهو سالم من ذلك فالأصل عدمه.

وقال ابن المنير: يتعين حمل "ما" على المصدرية؛ لأنهم لم يعبدوا الأصنام من حيث هي حجارة أو خشب عارية عن الصورة، بل عبدوها لأشكالها وهي أثر عملهم، فلو كان كما ادعوه لاحتاج إلى حذف أي: خلقكم وما تعملون شكله. وقال ابن تيمية: لا نسلم أنها موصولة ولكن لا حجة فيه للمعتزلة، لأن قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ} يدخل فيه ذاتهم وصفاتهم.

وقال العلامة التفتازاني: يجوز أن يكون المعنى وخلق معمولكم على أنها موصولة ويشمل أعمال العباد؛ لأنا إذا قلنا: إنها مخلوقة لله تعالى أو للعبد لم يرد بالفعل المعنى المصدري الذي هو الإيجاد بل الحاصل بالمصدر الذي هو متعلق الإيجاد، وهو ما نشاهد من الحركات والسكنات، قال: وللذهول عن هذه النكتة توهم من توهم أن هذا الاستدلال موقوف على كون ما مصدرية، من "ف" مختصرًا (١٣/ ٥٢٨ - ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>