والمقصود من السنة النبوية أن يفهم المسلمون بواسطتها كتاب الله تعالى، في إيضاح مشكله، وتفصيل مجمله، وتخصيص عمومه، وتقييد مطلقه حيث أريد الخصوص والتقييد، ومما يتمم تفصيل مجملات كتاب الله ويلتحق بها ما وردت به السنة من أحكام وآداب مستقلة؛ ذلك أن الله تعالى افترض على المسلمين طاعة رسوله افتراضًا مطلقًا، كافتراضه طاعتَه عز وجل عليهم، وإذ ذاك فليس من شرط السنة أن يوجد لها أصل صريح في كتاب الله ترجع إليه بأحد ضروب البيان، وإن رامَ بعضُ العلماء كالشافعي والشاطبي أن يثبتوا اطّراد ذلك فيما ثبت من السنن.
وسواء وردت السنة في محل البيان لكتاب الله أو مستقلة عنه، فإنها المَحْتِد بعد كتاب الله، لفهم الشريعة جملةً وتفصيلًا، والمرجع للمسلمين عند الاختلاف سواء في أصول الدين وما يتصل بالإيمان والتوحيد، أو في فروعه وما يتصل بالأحكام والآداب، فليس لأحد أن يتنكب عن مَهْيَعِها بسلوك سبيل التعطيل، أو تكلف ضروب التأويل، أو تحكيم الرأي ومقاييس العقول، على نصوصها الواضحة الصريحة.
فبهذا يسلم الدين من البدع ومقحمات الأهواء، ويكون المسلم على منهاج السلف الذين هم أهدى أجيال الأُمَّة سبيلًا، وأقومها قيلًا، تلقيًا وفهمًا وعملًا، وبخاصة ما يتعلق بأسماء الله وصفاته وأركان الإيمان، فمنهاج سلف الأُمَّة الصالح هو المنهاج الحق الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته رضي الله عنهم أجمعين.
ولما كان المقصود من السنة فهم الدين على ضوء ما سبق، والعمل بمقتضاه، وكان عموم الأُمَّة بحاجة إلى مصنفات جامعة تُلِمُّ بأبواب الدين وتحيط بشُعبه، ليكون ذلك سهلًا عليها قريب التناول لحفظه وفقهه والعمل