فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ (١) الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ (٢) يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال:"عَجِبتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ". قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ (٣)، ثُمَّ قَالَ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي (٤) وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟! قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ (٥) مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
"يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ" في سـ، حـ، ذ: "يَبْتَدرْنَ في الْحِجَابِ".
"مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي" في سـ، حـ، ذ: "مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّائي".
===
إنما كان لاجتماعهن في الصوت، لا أن كلام كل واحدة بانفراده أعلى من صوته -صلى الله عليه وسلم-[انظر "شرح النووي" (٨/ ١٧٩)].
(١) أي: يسرعن.
(٢) هو كناية عن السرور، "لمعات".
(٣) بفتح الهاءمن الهيبة، "ك" (١٣/ ٢٠٨).
(٤) بلفظ الخطاب.
(٥) قوله: (أفظّ وأغلظ) الفظّ: الغليظ الجانب، الخشنُ الكلامِ، والغلظة مثلَّثةَ، والغِلاظَة بالكسر، وكعِنَبٍ: ضدّ الرقَّة، أردن المبالغة في الزيادة في فظاظته وغلظته إلى نسبة من عداه، لا بالنسبة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنه لم تكن فيه -صلى الله عليه وسلم- فظاظة أصلًا لقوله تعالى:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: ١٥٩]، وقد يراد باسم التفضيل مطلق الزيادة والمبالغة، "لمعات".