النسائي صاحب "السنن"(٢١٥ - ٣٠٣ هـ)، والإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القزويني صاحب "السنن"(٢٠٩ - ٢٧٣ هـ).
ولكن الإمام البخاري قد سبق.
قضى الإمام البخاري حياته كلها في العكوف على طلب الحديث وروايته وحفظه وجمعه، واختار أصح الأحاديث إسنادًا وروايةً في كتاب جامع، يُعَدُّ أكبر أساطين الشريعة الإسلامية بعد كتاب الله تعالى.
والصحيح كما كتب شيخنا العلّامة السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله تعالى:
"شأن الإمام البخاري مع الحديث النبوي الصحيح شأن العاشق الصادق والمُحبِّ الوامِق مع الحبيب الذي أسبغ الله عليه نعمة الجمال والكمال، وكساه ثوبًا من الرَّوعة والجلال، فهو لا يكاد يملأ عينيه منه، وهو كلما نظر إليه اكتشف جديدًا من آيات جماله، فازداد افتنانًا وهُيامًا، ورأى جماله يتجدَّد في كل حين، وإذا الوجه غير الوجه، والجمال غير الجمال، فلا قديم في الحب ولا إعادة عند المحب، وصدق الشاعر:
يزيدُك وجهُه حُسْنًا … إذا ما زِدته نظرًا
ولذلك ترى الإمام البخاري لا يكاد يشبع من استخراج المسائل واستنباط الفوائد، والنزول إلى أعماق الحديث والتقاط الدرر منه، والخروج على قرائه بها، حتى يذكر حديثًا واحدًا أكثر من عشرين مرة، واستخرج أحكامًا وفوائد جديدة" (١).