للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بعد ثلاثة أيام تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة، واستمرَّ التحريم كما في رواية مسلم عن سبرة الجهني: "أنه كان مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن اللَّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليُخَلِّ سبيله"، فلعل عليًّا رضي اللَّه عنه لم يبلغه الإباحة يوم أوطاس لقلتها، كما روى مسلم: "رخص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام أوطاس في المتعة ثلاثًا ثم نهى عنها". وأما قول ابن عباس وأمثاله كابن مسعود وجابر فوجهه أنهم لم يبلغهم النهي المؤبد، فمن بلغه النهي المذكور رجع عن قوله ووافق الجمهور كما قال الترمذي في "جامعه" (ح: ١١٢١): وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة ثم رجع عن قوله حيث أخبر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، انتهى. وفي رواية مسلم (ح: ١٤٠٦): "قال ابن أبي عمرة: إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير، ثم أحكم اللَّه الدين ونهى عنها"، انتهى. وأما حديث ابن مسعود الذي مرَّ [برقم: ٥٠٧٥]: "رخص لنا أن تنكح المرأة بالثوب ثم قرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧].

قال في "الفتح" (٩/ ١٧٤): وقد بينت فيه ما نقله الإسماعيلي من الزيادة [فيه] المصرحة عنه بالتحريم، انتهى، كما مرَّ [برقم: ٥٠٧٥]، وروى محمد في "كتاب الآثار" (رقم: ٤٣٢): أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود في متعة النساء قال: إنما رخصت لأصحاب محمد في غزاة لهم شكوا إليه فيها العزوبة ثم نسختها آية النكاح والميراث والصداق"، انتهى. ويمكن أن يقال: إن ابن مسعود ما أراد بقراءة قوله تعالى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} جواز المتعة حين القراءة بل أراد أن المتعة في زمن إباحتها كانت من جملة الطيبات لئلا يتوهم أن إباحتها لأجل الضرورة كانت مانعة دخولها في الطيبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>