(٢) قوله: (في المري) قال النووي: هو بضم الميم وسكون الراء وتخفيف التحتانية، وليس عربيًّا، وهو يشبه الذي يسميه الناس الكامخ -بإعجام الخاء-. وقال الجواليقي: التحريك لحن. وقال الجوهري: المري بكسر الراء وتشديدها وتشديد الياء كانه منسوب إلى المرارة، والعامة يخففونه، "ك"(٢٠/ ٩٠). قال الحربي: هو مري، يعمل بالشام، يؤخذ الخمر فيجعل فيه الملح والسمك، ويوضع في الشمس فيتغير عن طعم الخمر [إلى طعم المري]، و"النينان" بكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وتخفيف النون الثانية وهو جمع نون وهو الحوت.
ثم تفسير كلام أبي الدرداء بقوله:"في المري" مقدم لفظًا ولكن في المعنى متأخر، تقديره: ذبح الخمر النينانُ والشمسُ في المري، و"ذبح" فعل ماض على صيغة المعلوم. و"الخمر" منصوب لأنه مفعوله، و"النينان" بالرفع فاعله، و"الشمس" عطف عليه. وقيل: لفظ "ذبح" مصدر مضاف إلى "الخمر" فيكون مرفوعًا بالابتداء وخبره هو قوله: النينان، والمعنى: ذكاة الخمر في المري النينان والشمس، أي تطهيرها. وإنما ذكر النينان دون الملح لأن المقصود من ذلك يحصل بدونه، ولم يرد أن النينان وحدها خلَّلَتْه، وقال: كان أبو الدرداء يفتي بجواز تخليل الخمر، فقال: إن السمك بالآلة التي أضيفت إليه يغلب على ضراوة الخمر ويزيل شدتها، والشمس تؤثر في تخليلها فتصير حلالًا، كذا في "العيني"(١٤/ ٤٩٦). فإن قلت: ما وجه إيراد المؤلف لهذا الأثر ها هنا في طهارة صيد البحر؟ أجيب: بأنه يريد أن السمك طاهر حلال، وإن طهارته وحله يتعدى إلى غيره كالملح حتى يصير الحرام النجس بإضافتها إليه طاهرًا حلالًا، "قس"(١٢/ ٢٩٢).