مُعْرِّساً (١) بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ (٢) لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ (٣) أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ (٤)، وَأَعْهَدَ (٥) أَنْ يَقُولَ
===
(١) قوله: (معرساً) من أعرس بأهله إذا بنى بها، وكذلك إذا غشيها، وفي بعضها "معرساً" من التعريس، "ك" (٢٠/ ١٩٤)، والأول أشهر، فإن التعريس: النزول بليل، "ف" (١٠/ ١٢٥).
(٢) قوله: (بل أنا وا رأساه) هي كلمة إضراب، والمعنى: دعي ذكر ما تجدينه من وجع رأسك واشتغلي بي، "ف" (١٠/ ١٢٥). قال التيمي في "التخيير": قالت عائشة: وا رأساه، وشكت من وجع رأسها، وخافت الموت على نفسها، وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها تعيش بعده فقال: "لو كان وأنا حي فأستغفر لك إلخ"، ثم قال: "بل أنا وا رأساه" أي: لا بأس عليك مما تخافين، إنك لا تموتين في هذه الأيام، لكني أنا الذي أموت فيها.
وفيه: أنه من اشتكى عضواً جاز أن يتأوَّهَ منه، وجواز المزاح؛ لأنه علم أن الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، وإنما قال ذلك على طريق الملاعبة. وفيه: أن ذكر الوجع ليس بشكاية؛ لأنه قد يسكت الإنسان ويكون شاكياً، ويذكر وجعه ويكون راضياً، فالمعول على النية لا على الذكر، "ك" (٢٠/ ١٩٤، ١٥٠).
(٣) شك من الراوي، "ف" (١٠/ ١٢٥).
(٤) قوله: (ابنه) فإن قلت: ما فائدة ذكر الابن إذ لم يكن له في الخلافة دخل؟ قلت: المقام مقام استمالة قلب عائشة، يعني كما أن الأمر مفوض إلى والدك، كذلك الائتمار في ذلك بحضور أخيك فأقاربك هم أهل أمري وأهل مشورتي. أو: لما أراد تفويض الأمر إليه بحضورها أراد إحضار بعض محارمها حتى لو احتاج إلى رسالة إلى أحد أو قضاء حاجة لتصدى لذلك، والله أعلم، كذا في "العيني" (١٤/ ٦٥٩).
(٥) قوله: (أعهد) أي: أوصي لكراهة الأقوال، أي: أكتب عهد الخلافة لأبي بكر، فأراد الله أن لا يكتب ليؤجر المسلمين في الاجتهاد في