للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ (١):

===

(١) قوله: (قال بعض الناس … ) إلخ، هذا تشنيع آخر على الحنفية، قلت: هذا تكرار بلا فائدة لأن حاصل هذه الفروع الثلاثة واحد، وذكرها واحدًا بعد واحد لا يفيد شيئًا؛ لأنه قد علم أن حكم الحاكم ينفذ ظاهرًا وباطنًا، "ع" (١٦/ ٢٥١). قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أن الحكم بتمليك مال أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو فرقة أو نحو ذلك، إن كان في الباطن كما هو في الظاهر نفذ على ما حكم به، وإن كان في الباطن على خلاف ما استند إليه الحاكم من الشهادة أو غيرها لم يكن الحكم موجبًا للتمليك ولا الإزالة ولا النكاح ولا الطلاق ولا غيرها، وهو قول الجمهور، وتبعهم أبو يوسف، وذهب آخرون إلى أن الحكم إن كان في مال، وكان الأمر في الباطن بخلاف ما استند إليه الحاكم من الظاهر، لم يكن ذلك موجبًا لحله للمحكوم له، وإن كان في نكاح أو طلاق فإنه ينفذ ظاهرًا وباطنًا، وحملوا حديث الباب الذي قبل هذا الباب على ما ورد فيه وهو المال، واحتجوا لما عداه بقضية المتلاعنين مع احتمال أن يكون الرجل صدق فيما رماها به، قال: فيؤخذ من هذا أن كل قضاء ليس فيه تمليك مال أنه على الظاهر ولو كان الباطن بخلافه، وأن حكم الحاكم يحدث في ذلك التحريم والتحليل بخلاف الأموال، وأجاب غيره من الحنفية بأن ظاهر الحديث يدل على أن ذلك مخصوص بما يتعلق بسماع كلام الخصم حيث لا بينة هناك ولا يمين، وليس النزاع فيه، وإنما النزاع في الحكم المرتب على الشهادة، وبأن "من" في قوله: "فمن قضيت له" شرطية، وهي لا تستلزم الوقوع، فيكون من فرض ما لم يقع، وهو جائز فيما تعلق به غرض، وهو ههنا محتمل لأن يكون للتهديد والزجر عن الإقدام على أخذ أموال الناس باللسن والإبلاغ في الخصومة، وهو وإن جاز أن يستلزم عدم نفوذ الحكم باطنًا في العقود والفسوخ لكنه لم يسق لذلك، فلا يكون فيه حجة لمن منع، وبأن الاحتجاج به يستلزم أنه - صلى الله عليه وسلم - يقر على الخطأ؛ لأنه لا يكون ما قضى به قطعة من النار إلا إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>