للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد وثقه العجلي (١)، وقال قتادة: كان لا يُتَّهم في الحديث، وقال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثًا من الخوارج، ثم ذكر عمران هذا وغيره. وقال يعقوب بن شيبة: أدرك جماعة من الصحابة وصار في آخر أمره إلى أن رأى [رأي] الخوارج. وقال العُقَيلي (٢): حدّث عن عائشة ولم يتبين سماعه منها.

قلت: لم يخرَّج [له في] البخاري سوى حديث واحد (٣) من رواية يحيى بن أبي كثير عنه، قال: سألت عائشة عن الحرير، فقالت: ائت ابنَ عباس فاسأله، فقال: ائتِ ابن عمر فاسأله، فقال: حدّثني أبو حفص، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما يَلْبَس الحرير في الدُّنيا من لا خلاق له في الآخرة"، انتهى. وهذا الحديث إنما أخرجه البُخاري في المتابعات، فللحديث عنده طرق غير هذه من رواية عمر وغيره، وقد رواه مسلم من طريق أخرى عن ابن عمر نحوه.

ورأيت بعض الأئمة يزعم أن البُخاري إنما أخرج له ما حمل عنه قبل أن يرى رأي الخوارج. وليس ذلك الاعتذار بقوي؛ لأن يحيى بن أبي كثير إنما سمع منه باليمامة في حال هروبه من الحجَّاج، وكان الحجّاج يطلبه ليقتله لرأيه، وقصته في ذلك مشهورة مبسوطة في "الكامل" للمبرد، وفي غيره. على أن أبا زكريا الموصلي حكى في "تاريخ الموصل" عن غيره أن عمران هذا رجع في آخر عمره عن رأي الخوارج؛ فإن صح ذلك كان عذرًا جيّدًا، وإلا فلا يضر التخريج عمن هذا سبيله في المتابعات، والله أعلم (٤).


(١) "ترتيب الثقات" (ص: ٣٧٣، رقم: ١٣٠٠)
(٢) "الضعفاء الكبير" (٣/ ٢٩٧).
(٣) بل حديثان، الأول برقم (٥٨٣٥). والثاني برقم (٥٩٥٢).
(٤) انظر: مقدمة "فتح الباري" (ص: ٤٣٢)، و"تهذيب الكمال" رقم الترجمة (٥٠٧٦)، و"تهذيب التهذيب" (٨/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>