للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنًى (١)، وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ مَنِيًّا! فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٢) فَقَالَ: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي (٣) مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ"،

===

(١) قوله: (ننطلق إلى منى) أي: أننطلق بحذف الهمزة للاستفهام التعجُّبي، قوله: "وَذَكَرُ أحدنا يقطر مَنِيًّا" هو من باب المبالغة، أي: [أنه] يفضي [بنا] إلى مجامعة النساء، ثم نحرم بالحج عقب ذلك فنخرج وَذَكَرُ أحدنا لقربه بالجماع يقطر منيًا، وحالة الحج تنافي الترفه وتناسب الشعث، فكيف يكون ذلك؟!، "قس" (٤/ ١٩٥).

(٢) قوله: (فبلغ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يعني بلغ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قولُهم هذا، وهو أنهم تمتَّعوا به وقلوبهم لا تطيب به؛ لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير متمتِّع، وكانوا يحبّون موافقته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، "ع" (٧/ ٢٣٩).

(٣) قوله: (لو استقبلتُ من أمري. . .) إلخ، أي: لو عرفت في أول الحال ما عرفت آخرًا من جواز العمرة في أشهر الحج لَمَا أهديتُ، أي: كنت مُتَمَتّعًا إرادةً لمخالفة أهل الجاهلية، "وَلَأَحْلَلْتُ" من الإحرام، لكن امتنع الإحلال لصاحب الهدي -هو المفرد أو القارن- حتى يبلغ الهدي محِلَّه، وذلك في أيام النحر.

قال النووي (٤/ ٤١٥): احتجّ به من قال: إن التمتع أفضل لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يتمنّي إلا الأفضل، وقال الكرماني: فأجاب القائلون بتفضيل الإفراد أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما قال من أجل فسخ الحجّ إلى العمرة الذي هو خاصّ بهم في تلك السنة فقط مخالفةً للجاهلية، وقال هذا الكلام تطييبًا لقلوب أصحابه؛ لأن نفوسهم كانت لا تسمح بفسخ الحج.

قال الطحاوي: احتجّ بهذا الحديث قوم على جواز فسخ الحج في العمرة، وقالوا: من طاف من الحجاج بالبيت قبل وقوفه بعرفة، ولم يكن ممن ساق الهدي فإنه يحلّ.

قلت: أراد بهؤلاء جماعة الظاهرية وأحمد، ثم قال: وخالفهم آخرون فقالوا: ليس لأحد دخل في حجّة أن يخرج منها إلا بتمامها.

<<  <  ج: ص:  >  >>