١ - اختلافهم في بعض العلل أَقادحة هي أمْ غير قادحة؟ مثل الاختلاف على الراوي في الرفع والوقف، والوصل والإرسال، ومثله حديث المدلسين، والمختلطين، وزيادة الثقة، والحكم عليها بالشذوذ، وتفرد الصدوق وغيرها، فما قبلتُ منها قبلتُها بحجّةٍ، وما رددتُ منها رددتُها بحجّة.
٢ - اتباع كلّ واحد منهم بعض القواعد الحديثية التي لا تزال مدار بحث ودراسة كما هو معروف لدى المشتغلين بهذا العلم الشريف.
ومثاله: ما رواه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" في مسند علي بن أبي طالب (٢٢٤ - ٣١٠) قال: "حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، قال: أخبرنا شريك -هو النخعي-، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن ذي حدان، عن علي، قال: "سمى اللَّهُ الحربَ خدعة على لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو على لسان محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-".
وقال: وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح، لعللٍ:
إحداها: أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصِحُّ إلا من هذا الوجه.
والثانية: أن المعروف من رواية ثقات أصحاب علي هذا الخبر عن علي الوقوف به عليه، غير مرفوع إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
والثالثة: أن سعيد بن ذي حدان عندهم مجهول، ولا تثبت بمجهول في الدين حجّة.
والرابعة: أن الثقات من أصحاب أبي إسحاق الموصوفين بالحفظ إنما رووه عنه، عن سعيد، عن رجل، عن علي.
والخامسة: أن أبا إسحاق عندهم من أهل التدليس، وغير جائز الاحتجاج من خبر المدلس عندهم مما لم يقل فيه: حدثنا، أو سمعت، وما أشبه ذلك". انتهى قوله.
وهنا يأتي دور المحدّث البارع في التوفيق بين القولين، أو ترجيح أحدهما على الآخر. انظر تفصيله في كتاب الجهاد.
٣ - اجتهادهم في معرفة الرجال والحكم عليهم ولا سيما المختلف فيهم جرحا وتعديلا لأنه وقع خللٌ في تراجم بعض الرواة، وأوضّح ذلك بمثال:
قال الترمذي: "حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حمزة الثمالي، عن الشعبي، عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: دخل عليَّ